2018-09-02

أول يوم دراسي عـنـدما كنت طالباً



ذكريات أول يوم دراسي عندما كنت طالباً

   أتـذكر أنها عندما انتهت العطلة الصيفيه وبدأ الاستعداد لدخول مدرسي جديد ، ألوان الحقائب و الأدوات المدرسية تعيدني إلى المقاعد المدرسية وإلى الزمن البريء‏  ورغم أن ذكرياتي المدرسية بمدرستي الإبتدائيه قليلة ، إلا أنني أذكر تماما أيامي الأولى بمدرسة عمار بن ياسر الإبتدائية بحي منفوحه بالرياض ، أذكر ذلك الصباح حين أيقظتني والدتي مذكرة إياي بأنه يومي الأول بالمدرسة فوجدتنـي مستيقضاً بالفراش .!!
لبست ثوبي الجديد ورتبت طعامي في حقيبتي الفارغه من الكتب سوى قلم رصاص ومسطره ودفتر وبرايه ابو مرايه  ، وما إن اصبح والدي رحمه الله جاهزاً لإيصالي لمدرستي حتى انخرطت في البكاء الداخلي بدون دموع خوفاً من هذه الحياه الجديده التي لم اتعود عليها ، وأذكر بأن أمي حفظها الله وأطال في عمرها أحست بما أنا فيه فما كان منها الا ان دفعتني دفعا إلى باب الخروج من المنزل وأنا أواصل في الصراخ الداخلي بلا دموع  ولم أعلم يومها أنها خطوة متناهية الصغر في مشوار دراسي طويل  .

مجموعة من أصدقائي شاركوني قصصهم الطريفة عن أيامهم الأولى بالمدرسة الابتدائية ، فـأحدهم بعد أن حصل على نجمه من معلم التربية الفنيه بأحد رسوماته رفض الرجوع للمدرسة معلنا أنه نجح و لا داعي للعودة من جديد فإضطر والده الى مرافقتـه للمدرسة في اليوم التالي مرغماً إياه على الدخول للطابور الصباحي لكنه فر من بين يديه _ وانطلقت مطاردة هوليودية _ تحت أنظار
وتشجيعات باقي التلاميذ ، لتنتهي المطاردة بصفعة ساخنة على خدّه ، وظلت يد والده مرسومة على خدّه طوال الحصة الأولى وقليلاً من الثانيه .
 وبعد سنوات عدة تذكر هو ووالده الواقعة ، ليطلعه والده على أنه هو أيضاً تعرض للصفع من طرف والده في ظروف مماثلة ، هي إذا صفعة متوارثة يقول ضاحكاً .

صديق ٱخر يقول أنه لا يذكر تفاصيل يومه المدرسي الأول ، لكنه يذكر جملته التي يكررها مع كل دخول مدرسي ، فأمام اللائحة الطويلة للكتب والدفاتر و الأدوات المدرسية المطلوبة ، يأبى أن يحرج والده فهو يعرف ضيق اليد وعسر الحال . وكلما سأله أستاذه عن سبب نقص كتبه وأدواته كان  ينظر بإبتسامه لأستاذه ويجيبه بهدوء: "باقي ماجاء بابا من السفر ".  
هي عبارة يرددها إلى أن ينتصف العام الدراسي وهو يعتز بكونه كان قائد سرب المشاغبين بالمدرسة ورغم كل الضرب الذي كان يتعرض له من طرف أساتذته يرفض الانصياع لهم ، ويمنعه كبرياءه من أن تدمع عيناه ، فيرسم ابتسامة نصر على وجهه وهو متجه إلى طاولته وهو - يفرك يديه ببعضهما - محيياً زملاءه قائلا لهم :
" عادي مايعور الضرب ". وما إن يجلس بطاولته حتى يسارع إلى القطعة الحديدية بأسفل الطاولة يمرر عليها يديه علها تهدئ آلام الضرب .

وأحد أساتذة تعليم الصفوف الأوليه يقول لي أنه يفضل دوماً تدريس تلامذة السنة الأولى كونهم مادة خام يسهل صقلها وهو كما أعرفه جيداً منضبط جداً وينقل هذا الانضباط إلى تلامذته من خلال إلزامهم بالحضور مبكرا إلى الفصل ، حيث تعمد إقفال باب الفصل مع السابعه صباحاً .
 ويحكي لي أن أحدهم تأخر عن الحصة وجاء مسرعاً وفتح الباب ودخل بسرعة إلى الفصل ، فطلب المعلم منه العودة من جديد وطرق الباب وهو ما امتثل له الطالب فعلاً ومن ثم سأله الأستاذ عن سبب تأخره فأجابه ببراءة : أنه بلل فراشه ، وأن والدته أخذت الوقت الكافي لتضربه وهذا  ماجعله يتأخر عن الحضور باكراً .
 زميل آخر له تأخر ، فسأله التبرير فأجاب : " كانت سخونه " وهو ما استلزمه الانتظار حتى يبرد .

لكل منا قصة أو قصص مدرسية عالقة بالبال ، قصص رسمت ملامحاً من شخصيته وشكلت بعضاً من مشواره ، هي سنوات نظنها مرت بسرعة ، ووحدهم الآباء من أحسوا بكل ثقلها .

في الختــام :
أتمنى لجميع الطلاب والطالبات عام دراسي جديد حافل بالنجاح والجد والنشاط .



أخوكم
عبدالله بن محمد الشمراني